الزراعة الذكية تفرض نفسها 2024
وصلت الجزائر إلى استراتيجيات تهدف إلى ضمان الأمن الغذائي، وتعتبر “الزراعة الذكية“ خيارا استراتيجيا جديدا لحل مشكلة توفير الغذاء، ورغم الأداء الإيجابي لأساليب زراعية أخرى، إلا أن هناك شكوك حول قدرة الحكومة على مواكبة متطلبات هذا النوع من الزراعة.
نوع زراعي جديد ومراتب متقدمة
مع زيادة الطلب على الغذاء في العالم والجدل المستمر بشأن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، اتجهت الجزائر نحو تبني الزراعة الذكية التي تعتمد على التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي. يجب إيلاء الاهتمام للبحث العلمي وتشجيع الشباب على الانضمام إلى البرامج الزراعية، مما يضمن زيادة الاستثمارات الفلاحية وتحسين الكفاءة الإنتاجية. وتبدو الجهود المبذولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء مشجعة، حيث تم تصنيف الجزائر من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس عام 2023 كواحدة من البلدان الرائدة عالميًا في ضمان الأمن الغذائي من خلال الإنتاج الوطني.
أشارت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) إلى أن الجزائر تحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم العربي والقارة الإفريقية في الفترة من عام 2020 حتى عام 2022 في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالأمن الغذائي. وأفاد تقرير آخر من برنامج الأمن الغذائي العالمي “صفر جوع” بأن الجزائر ستحتل المركز الأول في إفريقيا فيما يتعلق بالأمن الغذائي بحلول عام 2030، حيث سجلت نسبة 63.9٪.
التكنولوجيا في خدمة الفلاحة:-
على الرغم من التصنيفات والتصنيفات المتقدمة وفقًا للمنظمات الدولية، تواصل الحكومة العمل على تحسين مستوى الإنتاج الغذائي عن طريق التبني للزراعة الذكية، التي تأخذ في الاعتبار التقدم السريع في التكنولوجيا. يُعتمد على الطاقات المتجددة في الري واستخدام الطاقة الشمسية في الضخ بدلاً من الوقود الأحفوري. تعتبر الجامعة شريكًا مهمًا في تطوير الابتكار والبحث، وهذا ما يبرر تبني الحكومة تكنولوجيا حديثة ومفهوما جديدًا للزراعة. يتيح ذلك التحكم الكامل في البيئة واستخدام الموارد بكفاءة عالية، إضافة إلى فتح مدرستين وطنيتين للزراعة لربط المشاريع الزراعية بالأبحاث العلمية الحديثة.
تم إنشاء قطب فلاحي غذائي وبنك للبذور بالإضافة إلى بنك الجينات، وتحويل المزارع النموذجية إلى مشتلة للثروة الحيوانية والنباتية كقاطرة للبحث وتطوير قطاع الفلاحة. يرى أستاذ الاقتصاد جمال مناصري أن الجزائر قامت بتغيير استراتيجيتها من خلال توظيف التقنيات والتكنولوجيا الحديثة وتطوير الفلاحة الصحراوية وترقية الاقتصاد الأخضر واستخدام الطاقات المتجددة، بهدف زيادة الإنتاج بجودة جيدة وتوسيع المساحات المروية وتحسين الاستغلال المستدام للأراضي الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي.
وأوضح أنصاره أن الحكومة ترغب في توصيل معظم الأراضي الزراعية بالتكنولوجيا الرقمية الحديثة بحلول عام 2024 ضمن سياسة الاعتماد على الزراعة الذكية.
لماذ الزراعة الذكية؟
يتم وصف هذه الطريقة في الزراعة بأنها ذكية لأنها تستخدم التكنولوجيا الحديثة لتحقيق كفاءة في استخدام الموارد الطبيعية مثل المياه والأسمدة الكيماوية. تهدف هذه الطريقة إلى زيادة مستوى الإنتاج والتكيف مع تغيرات الطقس وتقليل الانبعاثات الناتجة عن ظاهرة الاحتباس الحراري وتحسين الأمن الغذائي ودعم أهداف التنمية المستدامة، وتعتمد على تقنيات مثل أجهزة الاستشعار عن بعد وتقنية نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) واستخدام الطائرات بدون طيار والروبوتات والمركبات ذاتية القيادة.
ومن ضمن الأدوات الذكية أيضًا تطبيقات الهاتف التي تساعد في عملية الري عن بعد بشكل منتظم وتساعد في توفير الماء في ظل الجفاف ونقص الأمطار، وتساعد في تشخيص أمراض النباتات واختيار العلاجات اللازمة بدلاً من اللجوء إلى استخدام المبيدات عشوائيًا.
توفير الوسائل ضرورة:-
أمام هذا الوصف، تثور تساؤلات عن إمكانية الجزائر توفير هذه الأدوات والوسائل، وعن إمكانية تحقيق تحول جوهري في قطاع الزراعة يسمح لها بتحقيق الأمن الغذائي. ويرد أستاذ الاقتصاد علي حاجي بأن “بإمكان الجزائر اعتماد جميع السياسات الناجحة الممكنة، ليس فقط في الزراعة ولكن في جميع القطاعات، نظراً إلى الإيرادات الكبيرة من صادرات النفط، ولكن سوء الإدارة والتخطيط يظلان العائق الرئيسي أمام التقدم”.
أكد المتحدث أن غياب المتابعة والرقابة سمح للمتلاعبين بالتلاعب بأموال الشعب التي تم وضعها من قبل السلطات لإنجاز المشاريع. وأشار إلى أن الجهود التي بذلت لمحاربة الفساد وتحييد المسؤولين غير الكفء قد تضر بالبلاد والمواطنين بسبب تواجد بقايا النظام السابق. وأكد أهمية الاستثمار في الزراعة الذكية لرفع مستوى الإنتاج الغذائي، لكنه أشار إلى أن الشروط اللازمة لتحقيق ذلك لا تزال غير كافية، خاصة فيما يتعلق بتوفير التكنولوجيا الحديثة في ظل غياب التأهيل العلمي والتكوين لدى الفلاحين.
وختم حاجي بالقول إنه يجب منح الفرصة للشباب الجامعي من الباحثين وإعادة تكوين الفلاحين لتعزيز هذا النوع من الزراعة، بالإضافة إلى أهمية إعادة المجال الفلاحي إلى أحضان الدولة وتولي الحكومة جزءا من هذا القطاع كما كانت تفعل في السابق.
أرقام ونسب الزراعة الذكية :-
تُقَدَّر قيمة سوق الزراعة في الجزائر بمبلغ 4.64 مليار دولار في عام 2023، ومن المُتَوَقَّع أن ترتفع إلى 5.82 مليار دولار بحلول عام 2028 بمعدل نمو سنوي يبلغ 4.65 في المئة، وفقًا لموقع “مُوَرِّد إنتِيليجِنس” الأمريكي الذي كشف أن قطاع الفلاحة يُسجِّل نموًا مطردًا على الرغم من التَذبذبات، وأظهر أن الجزائر لديها القُدرة التقنية على إنتاج 30 مليون طن من الحبوب سنويًا وتَصَدير 21 مليون طن منها إلى البلدان المجاورة. وأشارت بيانات “فاو” إلى أن قيمة إنتاج الخضروات في الجزائر خلال عام 2023 وصلت إلى 23 مليار دولار، وجاءت في المرتبة الثانية عربيًا بعد مصر في المركز الأول بـ 27 مليار دولار، تليها السعودية في المركز الثالث بقيمة إنتاج بلغت 17 مليار دولار. ووفقًا لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية، يُساهم القطاع الفلاحي بنسبة 14.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ويُشَغِّل أكثر من ربع اليد العاملة النشطة بما يُعادل 2.7 مليون عامل. وأوضحت الوزارة أن قيمة الإنتاج الفلاحي الجزائري لعام 2022 بلغت 35 مليار دولار، وبلغت تغطية الحاجات الغذائية الوطنية من الإنتاج المحلي 75 في المئة.
التعليقات